نقض أهل قبرص العهد، فقام معيوف بن يحيى أمير سواح الشام ومصر بالسير إليهم بأسطول كبير، فغزاهم وأسر أسقفهم وسبى من أهلها الكثير، وقتل الكثير، ثم سار إلى جزيرة كريت ورودوس.


كان رافع بن نصر بن الليث بن سيار من عظماء الجند فيما وراء النهر، وكان يحيى بن الأشعث الطائي قد تزوج ابنة عم له، وكانت ذات يسار ولسان وجمال, ثم تركها بسمرقند فترة وأقام ببغداد، واتخذ السراري، فلما طال ذلك عليها، أرادت أن تخلص من زواجها له, فعلم رافع بأمرها فتزوجها بعد أن قال لها أن تظهر الشرك ثم تتوب فينفسخ نكاحها, فشكاه زوجها يحيى بن الأشعث إلى الرشيد، فأمر الرشيد عامله على سمرقند علي بن عيسى بن ماهان أن يحده ويطلق منها ويطيفه على حمار في سمرقند للعبرة، ففعل لكنه لم يحده وحبسه فهرب من الحبس، فلحق ببلخ فأراد عاملها علي بن عيسى قتله فشفع فيه عيسى بن علي بن عيسى، وأمره بالانصراف إلى سمرقند.


خلع رافع بن الليث بن نصر بن سيار نائب سمرقند الطاعة، ودعا إلى نفسه، وتابعه أهل بلده وطائفة كثيرة من تلك الناحية، واستفحل أمره، فسار إليه نائب خراسان علي بن عيسى، فهزمه رافع وتفاقم الأمر به.

فجمع له علي بن عيسى جيشا لقتاله، فلما قتل رافع بن الليث عيسى بن علي خرج علي بن عيسى من بلخ حتى أتى مروا مخافة أن يسير إليها رافع بن الليث، فيستولي عليها، فلما علم الرشيد بذلك خلعه وعين بدلا عنه هرثمة بن أعين.


فتح الرشيد هرقلة، وكان سبب مسيره إليها ما حصل سنة سبع وثمانين ومائة، من غدر نقفور، فحاصر الرشيد هرقلة ثلاثين يوما وسبى أهلها، وكان قد دخل البلاد في مائة ألف وخمسة وثلاثين ألفا من المرتزقة، سوى الأتباع والمتطوعة، ومن لا ديوان له، وأناخ عبد الله بن مالك على ذي الكلاع، ووجه داود بن عيسى بن موسى سائرا في أرض الروم في سبعين ألفا، ففتح الله عليه، وفتح شراحيل بن معن بن زائدة حصن الصقالبة ودلسة، وافتتح يزيد بن مخلد الصفصاف وملقونية، كما أجبر نقفور على دفع جزية كبيرة للمسلمين وإلزامه بها، فبعث نقفور بالخراج والجزية عن رأسه أربعة دنانير، وعن رأس ولده دينارين، وعن بطارقته كذلك، وكتب نقفور إلى الرشيد في جارية من سبي هرقلة كان خطبها لولده، فأرسلها إليه.